أسعار الخدمات الصحية الخاصة- تباين واستغلال للمرضى في البحرين.
المؤلف: عقل العقل08.20.2025

يشهد القطاع الصحي الخاص في المملكة العربية السعودية نموًا مطردًا وتوسعًا ملحوظًا، حيث تتزايد أعداد المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة. يُعد هذا القطاع من القطاعات الحيوية ذات الأهمية البالغة، ويحظى بدعم حكومي كبير، سواء من حيث توفير الكوادر الطبية السعودية المؤهلة أو استقطاب الكفاءات الطبية المتميزة من الخارج. علاوة على ذلك، ساهمت إلزامية التأمين الصحي على موظفي القطاع الخاص وبعض الجهات الحكومية، بالإضافة إلى العاملين، في تعزيز أهمية التوسع في هذا القطاع الحيوي.
إن هذا التوجه نحو التوسع والتطوير يُعتبر أمرًا إيجابيًا للغاية، فالدول المجاورة التي قد تمتلك إمكانيات اقتصادية أقل من نظيراتها الخليجية، تستثمر بكثافة في القطاع الصحي، مما ينعكس بشكل إيجابي على مستوى الخدمات المقدمة والأسعار المناسبة التي تُتيح للجميع الحصول على الرعاية اللازمة.
ومع ذلك، نجد أن بعض المواطنين السعوديين يتوجهون إلى دول أخرى بحثًا عن الخدمات الصحية، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف العلاج في المملكة، خاصة فيما يتعلق بالعمليات الجراحية وعلاج الأسنان، حيث تشهد عيادات الأسنان تفاوتًا كبيرًا في الأسعار، دون وجود معايير واضحة أو تفسير منطقي لهذا الاختلاف الشاسع، مما يستدعي ضرورة وضع ضوابط تضمن تقارب الأسعار وتمنع الاستغلال.
في عام 2024، أجرت صحيفة الاقتصادية استقصاءً هاتفيًا حول أسعار الكشف لدى الأطباء في المستشفيات الخاصة بالمملكة، وكشفت النتائج عن تباين كبير في الأسعار وصل إلى 40%، دون توضيح الأسباب الكامنة وراء هذا الاختلاف. وأشار التقرير إلى المستشفيات التي تفرض أعلى الأسعار وتلك التي تقدم أسعارًا أقل، مما يُظهر أن تحديد أسعار الخدمات الطبية في هذه المستشفيات غالبًا ما يتم من قبل الإدارة، دون تدخل فعلي من الجهات الرقابية، إن وجدت.
على سبيل المثال، واجه مريض متقاعد لا يملك تأمينًا صحيًا موقفًا صعبًا في أحد مستشفيات الرياض المعروفة قبل أسابيع قليلة، حيث اضطرته الظروف للذهاب إلى أقرب مستشفى خاص. بعد إجراء الفحوصات والأشعة التي كلفته مبالغ طائلة، قررت الطبيبة في قسم الطوارئ أنه بحاجة إلى البقاء في العناية المركزة. ولكن الصادم في الأمر هو أن إدارة المستشفى طلبت من مرافقه دفع مبلغ 50 ألف ريال مقدمًا، على أن يتم تسوية الحساب بعد تعافيه وخروجه من المستشفى.
إن هذا الإجراء يثير تساؤلات حول كيفية قيام الإدارة بفرض مثل هذه المبالغ الباهظة، وما هي الأسس التي تستند إليها في تحديدها؟ وهل وزارة الصحة على علم بهذه الممارسات؟ وهل تسمح بمثل هذه الإجراءات التي تبدو مجحفة وغير مقبولة، وكأنها تستغل الحالات الطارئة التي تصل إلى المستشفى؟
رفض المريض المتقاعد دفع هذا المبلغ، وقد يكون غير قادر على دفعه من الأساس. وفي نهاية المطاف، توجه إلى مستشفى خاص آخر بنفس المستوى، وهناك أخبره الطبيب المعالج في قسم الطوارئ أن حالته لا تستدعي البقاء في العناية المركزة، وأنه يحتاج فقط إلى البقاء في المستشفى لمدة يومين على الأقل للاطمئنان على صحته، وطلبوا منه مبلغ 5 آلاف ريال فقط، وهو فرق شاسع بين المبلغين.
هذا التباين الكبير في الأسعار والقرارات الطبية يثير الشكوك حول وجود رقابة فعالة، وكأن كل مستشفى يضع الشروط والإجراءات التي تناسبه، وقد يكون الطمع هو الدافع وراء ذلك، وليس معالجة المريض الذي قد يتعرض للاستغلال من قبل المستشفى أو الطبيب، من خلال طلب فحوصات وأشعة وإقامة في المستشفى ليس بحاجة إليها.
وحتى في حالة وجود تأمين صحي لدى المريض، فليس هناك مبرر لإجراء عمليات جراحية أو صرف أدوية غير ضرورية. يجب ألا تترك هذه الحالات للضمير الغائب لبعض إدارات المستشفيات والمستوصفات. فما الذي يمنع أن تكون أسعار الأشعة المقطعية متقاربة، وأن تكون التحاليل الطبية موحدة؟ فالمريض في حالة الطوارئ يكون في أمس الحاجة إلى العلاج السريع، وقد يوافق على جميع الطلبات التي قد تنطوي على إجحاف واستغلال لوضعه الإنساني والنفسي، ووضع عائلته الحرج.