الباحة- انسجام بين الإنسان والمكان وجمال يستحق الشعر

في ربوع وطني الشاسع، هنالك منافسة حامية الوطيس بين الإنسان والمحيط، في مجاراة عصر لا يعترف بتأجيل عمل اليوم إلى الغد المجهول. قائد هذه المسيرة، والملهم الأساسي لها، يولي اهتماماً بالغاً لكل بقعة في أرض الوطن، سواء كانت مدينة عامرة، أو قرية وادعة، أو هجرة نائية، ومن لا يساهم بفعالية في هذه المرحلة المفصلية والنشطة، فسوف يتجاوزه ركب الزمن سريعاً.

الباحة، هذه المدينة التي أخطّ لكم هذه السطور وأنا أتأمل رونقها الآسر، لم ألمح بها عيوباً تستدعي الإصلاح والتجميل، بل رأيت فيها سحراً أخاذاً يستحق أن ننظم له القصائد والأشعار الرائعة.

يقول أحد الرحالة المخضرمين: إذا صادفْتَ في أي مدينة تحطّ بها الرحال، أو قرية تجتازها شيئاً يسترعي الانتباه ويثير الإعجاب، فلا تتردد في السؤال عن أمير تلك المنطقة وأمينها اللذين يعملان على تطويرها وخدمة أهلها.

تنعم منطقة الباحة، تحت قيادة أميرها المثقف والواعي، الدكتور حسام بن سعود، بحالة من الانسجام والوئام مع جمال الطبيعة الخلابة، من غيوم ماطرة وأجواء منعشة، بجانب التطور والازدهار المتواصل الذي تشهده المنطقة في شتى المجالات.

وفي سياق الاستفادة المثلى من كنوز الطبيعة وتسخيرها لخدمة المنطقة وتعزيز جاذبيتها، بذل أمين منطقة الباحة الموقر، الدكتور علي السواط، جهوداً جبارة لإضفاء لمسة جمالية استثنائية على مدينة الباحة، حيث تجد بصماته واضحة في كل زاوية وركن من أركان المدينة.

عشنا تحت زخات المطر الخفيف، وفي أحضان الضباب الساحر، أمسية رائعة احتفاءً بفوز النخبة الأهلاوية على مسرح مراوه الجميل، الذي استحضر في ذاكرتي صور الفنان العملاق محمد عبده وهو يصدح بأروع الأغاني من نفس المكان، بكلمات الشاعر المبدع خالد الباهوت:

باحة.. باحة تعالي للضباب

باحة ضميني واحكي لي عن جبال يداعبها السحاب

اسمحي لي يا سراة الخير اقبل وجنتك

عطريني بنسمتك

واحضنيني بنظرتك

واشغفي قلبي غناء

يا جمال الطيف في خد السماء

يا عروس الصيف واحلام الشتاء

يا ديرتي.. يا ديرتي..

يا ديرتي الخضراء يا عذراء.

همست في أذن الأمين القدير الدكتور علي السواط، معبراً عن إعجابي الشديد: أعتقد جازماً أن التاريخ سيخلد هذه الليلة كإضافة جمالية أخرى لمسرح مراوه، بعد أن خلد ذاك الشدو العذب لفنان العرب محمد عبده، ولمحت في ابتسامته تعليقاً بليغاً عجزت عن وصفه وتدوينه.