التشدد والتطرف- هل هم ضحايا أم وقود للإرهاب؟

المؤلف: سعيد السريحي08.05.2025
التشدد والتطرف- هل هم ضحايا أم وقود للإرهاب؟

لا يمكننا التسليم المطلق بما طرحه فضيلة الدكتور الشيخ صالح بن حميد حول المتطرفين والمتشددين، واعتباره تفسيراً شافياً لما لحق بالإسلام من تشويه، وما حل بالمسلمين من فتن، وما ألم بالعالم أجمع من أضرار، وما تفشى في أصقاع الأرض من إرهاب. لا يمكننا ذلك بعد قراءة ما نشرته صحيفة مكة من حديثه خلال لقائه بالقيادات التعليمية بمنطقة عسير، ووصفه "لمن وقعوا في براثن التشدد والتطرف بأنهم متدينون وأصحاب صدق وصلاح، ثم جاء ساسة فاستغلوا تدينهم ووظفوهم كحطب لداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية".

من غير المقبول بتاتاً أن نذعن لهذا الرأي، فالشيخ يعلم، ونحن نعلم أيضاً، أن الإنسان المتدين حقاً والصالح بأمانة والصادق بصدق لا يمكن أن يكون متشدداً ولا متطرفاً. وهو يعي تماماً أن المغالين في الدين يبتعدون عنه ابتعاد السهم عن الهدف. وإذا كان الأمر كما يراه الشيخ، وأن سياسيين استغلوا من يعتبرهم متدينين وصادقين وصالحين، واستخدموهم كوقود لداعش وغيرها، فمجرد كونهم لقمة سائغة للاستغلال والتوظيف في خدمة الإرهاب لهو كافٍ للذم والقدح في تشددهم وتطرفهم. فلو كانوا حقاً على ما وصفهم به الشيخ من الصدق والصلاح والتدين القويم، لما تسهل على الساسة توظيفهم ضد أوطانهم وقياداتهم وأسرهم وآبائهم وأمهاتهم.

المعلوم لنا جميعاً، ويعلمه فضيلة الشيخ أيضاً، أن المتدين الصادق والصالح هو الذي يرى الإسلام ديناً قائماً على اليسر والسهولة، لا العسر والتعقيد. وإذا كان نبي الرحمة والهدى قد حذر أمته من مغبة الغلو في الدين، قائلاً: "إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم غلوهم في الدين"، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون"، وكررها ثلاثاً للتأكيد على خطورة الأمر، فكيف لنا بعد ذلك أن نصف هؤلاء المتشددين والمتطرفين بما وصفهم به الشيخ، بأنهم متدينون وصالحون وصادقون، وأنهم مجرد ضحايا وقعوا فريسة لتوظيف الساسة وألاعيبهم؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة