ياسر بوعلي- تجديد الأغنية السعودية المعاصرة بلمسة أنيقة

ياسر بوعلي، قامة إبداعية متدفقة وعطاء فني ثري في سماء الأغنية السعودية المعاصرة، فمن المحال أن تغفل الأذن عن إبداعاته اللحنية التي تترك بصمة مميزة على كل عمل فني، وذلك بفضل المزيج الفريد الذي يجمعه بين ثقافة موسيقية عميقة وإحساس فني مرهف، مع وقع عصري ينسجم مع أذواق مختلف الأجيال.

لقد تتبعت باهتمام مسيرته الفنية الزاهرة وأعماله التي صدحت بها حناجر كبار نجوم الغناء العربي، وقد لفت انتباهي ذلك الانسجام الآسر بين ابتكاراته المتجددة والجريئة في عالم التلحين، وفلسفته الموسيقية النقية التي تضفي على مختلف عناصر العمل، صوتاً وكلاماً، هوية متفردة تتجاوز نمطية الأغنية التقليدية المعهودة.

لقد كان تعامل ياسر بوعلي مع ذائقة الجمهور المستمع يتميز بالانفتاح والرحب، فهو لم ينجرف -في تصوري- نحو التخلي عن جوهر وأصالة اللحن الخليجي، ولكنه بلا شك ارتقى بذائقته الموسيقية وتجاوز القوالب التقليدية والكلاسيكية، وذلك بفضل بصمته الخاصة وجرأته الواضحة في تفاصيل ألحانه، ولعل التنوع والاختلاف الشاسع بين أعماله يعكس مدى ما يختزنه من طاقات وقدرات لحنية هائلة، فما ظهر منها حتى الآن كان مبهراً وناجحاً، وما زال الكثير في طور الظهور، والدليل على ذلك عمل فني متكامل وأنيق بحجم أغنية «أبرحل» للفنانة القديرة أحلام، والتي حققت انتشاراً واسعاً ونسب استماع عالية، فقد كانت هذه الأغنية بمثابة فرصة ذهبية لاستعراض قدرات المغنية ذات الإمكانات الصوتية الجبارة، وتطويعها لتقديم واحدة من أروع أغاني الموسم، وذلك من خلال لحن مبدع استعرض فيه الملحن براعته في تقديم عمل فني رومانسي يترنم بين الهدوء والعلو، دون أن يشتت انتباه المستمع أو يفقده تركيزه، إضافة إلى ذلك، لا يمكن إغفال تعاونه المثمر مع الفنانين الكبيرين عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد منذ بداياته الفنية، وأخص بالذكر هذا التعاون لتناغمه العميق مع فلسفته اللحنية، وبالعودة إلى عمل فني راقٍ بمستوى أغنية «ما ظنتي» قبل حوالي 10 أعوام مع الفنان عبدالمجيد عبدالله، يتبين لنا النضج الفني المبكر لهذا الملحن الموهوب، الذي قدم نفسه كمؤثر بارز في صناعة الأغنية الخليجية العصرية. وفي 27 ديسمبر، سيكون عشاق الفن على موعد استثنائي في موسم الرياض مع ليلة فنية جديدة يحتفي بها بهذا الملحن القدير ياسر بوعلي، وستكون هذه الليلة فرصة سانحة للتعرف عن كثب على قدراته الفنية العالية وحضوره المتميز والفريد من نوعه.