المراكز الثقافية الدائمة- جسر حضاري لا المعارض المتنقلة.
المؤلف: سعيد السريحي08.05.2025

التقرير الصادر عن وكالة الأنباء السعودية سلط الضوء على الانبهار العميق الذي أبداه الشعب الصيني حيال كنوز المملكة الأثرية المعروضة حاليًا في المتحف الوطني ببكين، والتي تجسد عظمة الحضارات المتعاقبة على أرضها. وقبل ذلك، شهدنا تفاعلًا مماثلًا من مختلف الشعوب مع تراثنا وثقافتنا الغنية في العديد من الفعاليات والمناسبات. إلا أن التقرير، ربما عن غير قصد، أغفل حقيقة مهمة، وهي أن هذا الإعجاب العابر قد يتلاشى بمرور الوقت، كما حدث مع شعوب أخرى اطلعت على آثارنا في معارض مؤقتة. فالتأثير الحقيقي لا يتحقق من خلال العروض العابرة والمناسبات الزائلة.
إذا كنا نطمح إلى إحداث تأثير دائم في وعي الشعوب، وتعزيز فهم حقيقي لإرثنا الحضاري العريق، وتقريب المسافات بيننا وبين مختلف الثقافات، فإنه يتعين علينا التفكير مليًا في إنشاء مراكز ثقافية دائمة، على الأقل في عواصم الدول الكبرى والمهمة، وتلك التي نسعى لتوثيق الروابط الثقافية معها. ليس بالضرورة أن تكون هذه المراكز ضخمة، بل الأهم هو استمراريتها وتقديمها مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة الجذابة التي تستقطب الجمهور وتوفر لهم مصادر موثوقة للمعلومات حول تراثنا وثقافتنا الأصيلة.
يجب أن تعمل هذه المراكز الثقافية كجسر متين لا يربطنا بالشعوب الأخرى فحسب، بل يربطهم بنا أيضًا، ويثري معرفتنا المتبادلة بتراثنا وحضاراتنا وثقافاتنا. هذه المراكز الدائمة هي الضمانة الوحيدة لتحقيق التواصل الفعال والمستدام الذي نتطلع إليه مع العالم، وهي أكثر جدوى من المعارض المتنقلة التي سرعان ما تُنسى بمجرد انتهاء فعالياتها.