بوب ديلان ونوبل- الشعر والسلام في الشرق الأوسط الممزق.

المؤلف: سعد الخشرمي07.31.2025
بوب ديلان ونوبل- الشعر والسلام في الشرق الأوسط الممزق.

تتجدد الآمال والتوقعات سنوياً مع اقتراب موعد إعلان جائزة نوبل المرموقة، تلك الجائزة التي لطالما أثارت الجدل وأشعلت حماس المثقفين حول العالم. وقبل الإعلان الرسمي، تعجّ الأوساط الأدبية والفنية بتخمينات لا تنتهي حول هوية الفائز المحتمل، وتطفو على السطح أسماء لامعة وشخصيات مبدعة من مختلف بقاع الأرض. وفي هذا السياق، غالباً ما تتردد أسماء عربية ضمن قائمة المرشحين المحتملين، يأتي في مقدمتهم الشاعران الكبيران: أدونيس وسعدي يوسف.

إلا أن منح جائزة نوبل لبوب ديلان، المغني والشاعر الأمريكي الشهير، شكل مفاجأة مدوية للكثيرين. فبغض النظر عن قيمته الفنية الرفيعة، يرمز فوز ديلان إلى تقدير المواقف الإنسانية النبيلة، حيث عُرف بدفاعه المستميت عن السلام ومعارضته الشديدة للعنصرية والتمييز في الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا، يثور تساؤل مشروع: هل يستحق الشاعر السوري أدونيس التكريم الرفيع لجائزة نوبل، في حين أنه لا يزال يعتبر من المؤيدين لنظام سياسي يواجه اتهامات خطيرة من غالبية أعضاء الأمم المتحدة بارتكاب فظائع ومجازر ترقى إلى جرائم حرب؟

ومن جهة أخرى، يبرز اسم الشاعر العراقي سعدي يوسف، الذي لم يُعرف عنه مناهضة الحرب التي عصفت ببلاده، ولم يبد دعماً حقيقياً لأي حركة سلام تهدف إلى تضميد جراح العراق. فقد انزوى يوسف في عالمه الشعري الخاص، مكتفياً بالإبداع دون أن يحمل هموم وطنه وشعبه في قلبه، على الرغم من إقامته الطويلة في أوروبا كغيره من الشعراء العراقيين المغتربين.

إن هذا التوق الشديد لدى العرب للفوز بجائزة رفيعة المستوى مثل نوبل، يدعونا إلى وقفة صادقة مع أنفسنا، ومراجعة شاملة لمبادئنا الإنسانية ومواقفنا تجاه قضايانا الوطنية الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي تعاني من التمزق والانقسام وتتعرض لوحشية الجماعات المتطرفة. ومع كل هذه المعاناة، ما زلت على يقين بأن الشعر هو الملاذ الأخير للإنسانية، وسيبقى صوتاً للحق والجمال والأمل، ولن يخذل البشرية أبداً.

* رئيس قسم الثقافة

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة