عرس قروي- فرحة و شعر و كرم

المؤلف: علي بن محمد الرباعي07.31.2025
عرس قروي- فرحة و شعر و كرم

استقبلت القرية فجراً خريفياً يابساً، وتناهى إلى الأسماع نبأ عرس بهيج لدى أحد كبار القوم، فما كان من أبي هادي إلا أن قرع الباب بعصاه متوكئاً عليها.

نادى بصوت جهوري: افتح يا أبا سعيد.

ما بالك متأخراً إلى هذا الحد يا صاح؟!

ألم تتذكر أننا سنذهب لتهنئة العريس في يوم زفافه الميمون؟!

فتح أبو سعيد الباب وهو يتمطى بتكاسل، وأجاب: لم أنسَ، تمهل يا رجل فالوقت لا يزال مبكراً، أتظن أن العريس مستيقظ منذ الفجر مثلك؟! فالعرسان ينامون إلى وقت متأخر.

تفضل بالدخول لتناول فنجان قهوة.

القهوة تفوح منها رائحة البن الزكية.

املأ فنجانك وارتشفه ريثما أرتدي ملابسي.

جلس شيخ القبيلة في مجلس الجماعة وسألهم: ما هي الهدية التي ستقدمونها لصاحب الحفل؟!

أجاب أبو هادي: ليس لدينا سوى ستر الله، وشاعرنا المفوّه أبو عثمان الذي سيجزل بالقصائد.

وسأل العريفة: أليس كذلك يا أبا عثمان؟ فأجاب أبو عثمان: بلى والله، أبشروا بمدح يليق بمقام العريس.

صاح العريفة بفرح: إذاً فقد أحسنتم الاختيار.

تجمعت جموع غفيرة من أعيان القرى عند باب منزل صاحب الفرح، مصحوبين بعدد من الأغنام كهدية متواضعة باسم الجميع.

قام شيخ العارفة، فحمد الله وأثنى عليه، وبارك للعريس وتمنى له حياة سعيدة، واختتم حديثه قائلاً: "جئناكم بعشرين رأساً من الغنم هدية مباركة".

اجتمعوا حول موائد عامرة، وتناولوا طعام الغداء من خيرات الرزق، بينما كان أبو عثمان منهمكاً في صحن الرز، وعقله منشغل بتأليف قافية شعرية تليق بالمناسبة، وبعد صلاة العصر، توجهوا إلى ساحة الاحتفال، وبدأت أصوات الطبول تعلو، وتوافد الناس للمشاركة في العراضة، فبدأ الشاعر قصيدته قائلاً: "يا الله نسألك سيلاً يعم أرجاء البلاد".

.

هب لنا يا الله غيثاً من رحمتك، "فرد أبو عثمان" لقد ازدانت الدنيا بمقدم الخير والبركة".

.

دع الماضي وشأنه فالله يرحمه".

أطلق الشعراء العنان لقصائدهم.

على أمل أن ينالوا كسوة.

فبدع أحدهم قائلاً: "يا صاحبي، حتى لو بدا الجوع بادياً في عينيك".

.

فلا تطلب طعامك من المستعمرين الجشعين".

علمي وسلامتكم أيها الحضور الكرام.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة