نقد الغطرسة- سلطة الشعب والإعلام تواجه استعلاء المسؤولين

المؤلف: محمد آل سلطان08.05.2025
نقد الغطرسة- سلطة الشعب والإعلام تواجه استعلاء المسؤولين

لا يزال بعض المسؤولين وغيرهم يمارسون استعلاءً زائفاً تجاه شعبهم وأهلهم ومواطنيهم.. وكأنهم يريدون أن يؤكدوا تفوقهم عليهم.. وكأنهم يودون القول، بطريقة أو بأخرى، إنهم من طينة مختلفة تماماً!! يستغلون أي هفوة أو منقصة، حقيقية أو متوهمة، للانتقاص منهم والتهكم عليهم!! يعتبرون أنفسهم ضرورة لا غنى عنها، بينما يرون الآخرين مجرد عنصر دخيل ونشاز لا فائدة منه سواء حضر أم غاب.. هؤلاء البعض يجدون من المنتفعين المحيطين بهم من يزين لهم هذا الوهم بأنهم حقاً من عالم آخر، وأن ما حظوا به من سلطة أو ثراء أو نفوذ إنما هو نتيجة لعلم ومعرفة خاصة يمتلكونها!!

بالمقابل، أثبت السعوديون مراراً وتكراراً ولاءً وطنياً راسخاً لا يقبل المساومة أو المزايدة من أي طرف، وغيرة صادقة على وطنهم وقيادتهم وشعبهم وكرامتهم!! وكل من يمس، عن قصد أو عن غير قصد، ثوابتهم وخطوطهم الحمراء سيواجه جيشاً عرمرماً من الجماهير التي ترفض الخنوع أو الإهانة أو الاستهانة!!

وفي المقابل، اعتاد بعض المسؤولين، ومعهم فئة من رجال الأعمال، على تملق صغار الموظفين والاستسلام لنزواتهم لأتفه الأسباب!! لدرجة أنهم خلقوا لأنفسهم عالماً خاصاً ضمن هذه الدائرة الصغيرة المستضعفة، لكن التطورات المتسارعة في وسائل التواصل الاجتماعي وحصول أعداد غفيرة من السعوديين على مستويات تعليمية عالية جعلت من لحظة الغرور أو اللامبالاة لحظة فاصلة وحاسمة للشخصية التي أحاطت نفسها بهالة من التعظيم!! فلم تعد أقوال المسؤول حبيسة دائرته الضيقة، بل إن متغيرات التواصل والاتصال تجعل من لحظة استعلاء عابرة أو ادعاء للمعرفة خبراً يتصدر ليس فقط وسائل الإعلام المحلية أو منصات التواصل الاجتماعي، بل أيضاً كبرى الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية.. ويمتد أثرها السلبي ليشمل صورة الشعب والوطن، وقد تطال آثاراً اقتصادية أو اجتماعية قد لا يتصورها المسؤول نفسه!!

وكوني كاتب رأي ومتابعاً للشأن العام، أرى أن هناك جوانب إيجابية جمة في هذا الخضم الهائل من التفاعلات والآراء المتضاربة في وسائل التواصل الاجتماعي التي رفضت في أغلبها خطاب التعالي من المسؤول أو عدم دقة المعلومات التي أدلى بها!! من أبرز هذه الإيجابيات هو إخراج المسؤول نفسه من قوقعته الضيقة المحيطة به ليعتاد في البداية على تحمل ضريبة المسؤولية وتولي الشأن العام، وهي النقد البناء، بل والنقد اللاذع أيضاً لكل من يعمل!! وليعلم أيضاً أن هناك سلطة للمجتمع والجماهير لا تقل أهمية عن سلطة محاسبة كبار المسؤولين!! وأنه يجب عليه ألا يستفز أو يستغفل أهله أو شعبه أو جمهوره (بالمفهوم الحديث للإدارة)، فبإمكانه تمرير ما يريد دون اللجوء إلى ذلك!! فليس المطلوب منه تقديم قرارات شعبوية غير منطقية والانصياع لها لنفرح بها بضع سنوات ثم نندم عليها نحن وأجيالنا طوال العمر!!.. بل المطلوب أن يتحلى المسؤول بسعة الأفق وأن يدرك أن رأيه لن يقنع أحداً ما لم يقدم في سياق حقائق ومعلومات لا تحتمل الشك أو الجدل!! وأما قناعاته وآراؤه الشخصية فهي حقه، وقد يسجلها يوماً ما في مذكراته أو سيرته الذاتية، أما المعلومات والحقائق فهي حق لنا، ويجب أن نعرفها ونتفحصها ونتحقق من المصادر التي قدمتها!!

وقفة للتأمل والاعتبار:

فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَوَفَّرتُ لُحومَهُم

وَإِن يَهدِموا مَجدي شَيَّدتُ لَهُم مَجدا

وَإِن ضَيَّعوا عَهدي حَفِظتُ عُهودَهُم

وَإِن هُم هَوَوا ضَلالي هَدَيتُ لَهُم رُشدا

@dr_maas1010

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة